كان يا مكان، يا أحبابي الصغار، في قديم الزمان مَلِكٌ طاغٍ ومتكبر، مثل فرعون والملك الذي ذكرنا قصته في "أصحاب الأخدود"، ففي كل زمانٍ تجد ملكاً طاغية، وكلكم يا أحبابي الصغار تعرفون ما نهاية هؤلاء الطغاة والمتكبرين، تابعوا معنا القصة عبر مدونة قصة لكل جيل.
قصة سيدنا إبراهيم عليه السلام مع النمرود للاطفال
كان اسم هذا الملك المتجبر والطاغية "النمرود"، وقد كان له من اسمه نصيب، فقد كان متمرداً على الناس والخلق، إلى درجة أنه ادعى أنه يُحيي ويُميت، كان كل الناس يخافونه إلا القليل، حتى إنه ادعى أنه ربهم الأعلى، رب العالمين.
ميلاد إبراهيم وبحثه عن الحقيقة
على تلك الأرض التي كان يسكنها النمرود الطاغية، وُلِدَ طفلٌ صغير اسمه إبراهيم، وهو بطل قصتنا لهذا اليوم يا أحبابي الصغار، نبي الله إبراهيم عليه السلام.
كان قومه يعبدون الأصنام من دون الله، لكن سيدنا إبراهيم، بذكائه منذ صغره، كان يجلس وحيداً يتأمل في السماء وعظمتها، وفي النجوم وكثرتها، وفي الشمس والقمر.
بدأت رحلته في البحث عن الحقيقة، فرأى أولاً كوكباً كبيراً لامعاً، فقال: "هذا ربي"، فلما غاب الكوكب، قال: "إني لا أحب الآفلين" (أي الذين يختفون ويغيبون).
ثم رأى القمر بازغاً، فقال: "هذا أكبر، هذا ربي!"، ولكن عندما غاب القمر أيضاً، قال: "إني لا أحب الآفلين".
ثم رأى الشمس تشرق، ففرح وقال: "هذه أكبر! هذه ربي!"، ولكن عندما غابت الشمس في المساء، قال قولته الحاسمة: "إني لا أحب الآفلين".
وهكذا يا أحبابي الصغار، أدرك نبي الله إبراهيم بفطرته السليمة أن الإله الحقيقي لا يمكن أن يزول أو يغيب، فهو رب العالمين الدائم الذي لا يتغير، لم يقتنع أبداً بما يعبد قومه من أصنام حجرية لا تنفع ولا تضر، وكان يتعجب قائلاً: "هل هذه الأصنام هي من صنع وأبدع هذا الكون الجميل والمحكم؟".
تعليم قومه درس في الأصنام
كما أخبرناكم يا أحبابي الأطفال، كان قوم إبراهيم يعبدون الأصنام ويعتقدون أنها تنفعهم وتضرهم، مع أن إبراهيم كان متأكداً أن الله وحده هو من خلق وأبدع هذا الكون، وأن النفع والضر بيده.
ذات يوم، قرر نبي الله إبراهيم أن يعلم قومه درساً لن ينسوه.
في يوم عيد لهم، خرج قومه جميعاً إلى أرضٍ خلاء بعيدة عن مساكنهم، وتركوا معابدهم وأصنامهم وحدها، فاستغل إبراهيم، هذا الفتى الذكي، الفرصة وبدأ بتحطيم الأصنام واحداً تلو الآخر، حتى وصل إلى كبيرهم، فتركه وعلّق الفأس التي كسر بها الأصنام الأخرى في رقبته.
عندما رجع القوم ورأوا ما حدث، أصيبوا بغضب شديد وبدأوا يتساءلون عن الفاعل، فقال بعضهم، ممن كانوا يسمعون إبراهيم يستهزئ بآلهتهم: "إن هناك فتى يقال له إبراهيم، نظن أنه هو من فعل ذلك".
فأحضروا إبراهيم وسألوه: "هل أنت من صنع هذا بآلهتنا يا إبراهيم؟".
فقال بذكاء: "بل فعله كبيرهم هذا! فاسألوهم إن كانوا ينطقون"، وكان يقصد الصنم الكبير الذي يحمل الفأس.
تعجبوا من قوله واتهموه بالكذب، قائلين له: "كيف يصنع هذا وهو صنم من حجر لا يتحرك ولا يأكل ولا يشرب؟!".
فرد عليهم إبراهيم حينها بحجته القوية: "وكيف تعبدون ما لا ينفع ولا يضر، حتى إنه لم يستطع أن يدافع عن نفسه؟!".
فاقتنع بعض الناس بكلامه، لكن الكثير منهم بقوا على طغيانهم وعنادهم وكفرهم، وغضبوا من إبراهيم وما صنع.
المناظرة مع النمرود
حين علم النمرود بما صنع إبراهيم بالأصنام، غضب غضباً شديداً وأراد أن يتحداه ليثبت للناس أنه هو الرب المستحق للعبادة.
عندما ناظره إبراهيم، قال له: "ربي الذي يحيي ويميت، فهل أنت تحيي وتميت؟".
أجاب النمرود بثقة، معتقداً أنه سيغلب إبراهيم: "نعم، أنا أحيي وأميت!".
ثم أمر النمرود بإحضار رجلين من السجن محكوم عليهما بالإعدام، فقال للأول: "امضِ بسلام، قد عفوت عنك"، وقال للآخر: "ستموت"، وأمر حراسه بقتله.
ثم قال لابراهيم: "هل رأيت؟ أنا أستطيع عمل كل شيء!".
سخر إبراهيم في نفسه من هذه الخدعة الساذجة التي لا تنطلي على طفل ذكي مثلكم يا أحبابي الصغار.
فقرر إبراهيم أن يقيم عليه الحجة التي لا يستطيع ردها، وفاجأه بسؤال قائلاً: "إن ربي يأتي بالشمس من المشرق، فأتِ بها أنت من المغرب إن كنت حقاً رب العالمين!".
فبُهِتَ الذي كفر! ووقف النمرود عاجزاً عن الرد، لأنه لا يستطيع تحريك الشمس أبداً، فالله وحده الذي نعبده يا أحبابي الصغار هو من يفعل ذلك.
القاء ابراهيم داخل النار و نار لا تحرق
عندما عجز النمرود عن مواجهة حجة إبراهيم، أراد أن ينتقم لنفسه ليُظهر لمن حوله أنه هو الأقوى، فطلب من حرسه أن يوقدوا ناراً عظيمة، عالية ومرتفعة وكبيرة جداً، وكلما جمعوا الحطب، طلب منهم المزيد والمزيد حتى أصبحت ناراً هائلة.
أمر جنوده أن يحضروا إبراهيم ويضعوه في المنجنيق (وهو شيء كالمدفع تُقذف به الأشياء عن بعد)، لأنهم لم يستطيعوا الاقتراب من النار لشدة حرارتها.
قُذف إبراهيم في قلب النار، وفرح النمرود وحاشيته فرحاً كبيراً، معتقدين أنهم تخلصوا منه للأبد.
ولكن المفاجأة كانت أن الله سبحانه وتعالى أمر النار قائلاً: "يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَىٰ إِبْرَاهِيمَ".
فأصبحت النار برداً وسلاماً عليه، وتحولت إلى ما يشبه البستان الجميل، فأنبت حطب العنب قطوف عنب لذيذة، وأنبت حطب التين والرمان ثماره، فكان إبراهيم داخل النار يأكل من هذه الثمار المتنوعة وهو في أمان تام.
عندما خمدت النار بعد أيام، خرج إبراهيم من وسطها سليماً لم يمسه أي أذى، فصُعق النمرود ومن معه من هول المشهد العجيب، وكيف سُلبت من النار خاصية الإحراق!
نهاية الطاغية
تروي القصص أن نهاية النمرود كانت على يد حشرة صغيرة جداً، قيل إنها بعوضة، دخلت هذه الحشرة في رأسه وبقيت تطن وتؤذيه، فعُذِّب بها عذاباً شديداً حتى فارق الحياة.
وهكذا كانت نهاية هذا الملك الطاغية على يد أحقر مخلوق، ليعلم الجميع أن من يدّعي أنه رب الناس ويظلمهم، لا يستطيع حتى أن يدفع عن نفسه أذى بعوضة صغيرة، ولتكون قصته عبرة للعالمين إلى يوم القيامة.
أرجو يا أحبابي الصغار أن تكونوا قد استمتعتم بهذه القصة وفهمتم معانيها، وإذا كان لديكم أي سؤال، أو أردتم قصة جديدة، فاطلبوها في التعليقات، حان الان يا احبابي الصغار لنتعلم الدروس والعبر من قصة ابراهيم عليه السلام مع النمرود
الدروس والعبر من قصة ابراهيم عليه السلام مع النمرود:
- أهمية التفكير والبحث عن الحقيقة: لم يتبع سيدنا إبراهيم قومه بشكل أعمى، تقول القصة إنه "كان يجلس وحيداً يتأمل في السماء وعظمتها..، في البحث عن الحقيقة"، وهذا يعلمنا أن الإيمان الحقيقي يأتي من خلال التأمل والتفكير المنطقي في عظمة الكون، وليس من خلال تقليد الآخرين دون وعي.
- بُطلان عبادة غير الله: أوضحت القصة أن الأصنام التي عبدها قوم إبراهيم كانت "أصناماً حجرية لا تنفع ولا تضر"، وعندما حطمها إبراهيم، أثبت لهم أنها لم تستطع حتى أن تدافع عن نفسها، فكيف يمكنها أن تنفعهم أو تضرهم؟
- الشجاعة في قول الحق: واجه سيدنا إبراهيم، وهو مجرد فتى، قومه وملكه الطاغية وحده، لم يخشَ أن يستهزئ بآلهتهم الباطلة أو أن يتحدى الملك مباشرة، مما يعلمنا أهمية الثبات على الحق وقوله بشجاعة حتى لو كان الإنسان وحيداً.
- قوة الحجة والمنطق في مواجهة الباطل: عندما ناقش إبراهيم قومه أو الملك النمرود، استخدم المنطق الذكي، فسأل قومه: "كيف تعبدون ما لا ينفع ولا يضر؟"، وتحدى النمرود قائلاً: "إن ربي يأتي بالشمس من المشرق، فأتِ بها أنت من المغرب"، تقول القصة إن النمرود "بُهِتَ الذي كفر ووقف عاجزاً عن الرد"، وهذا يثبت أن الحجة القوية قادرة على هزيمة الباطل.
- قوة الله المطلقة وحمايته لعباده الصالحين: عندما أُلقي سيدنا إبراهيم في النار الهائلة، لم تكن نهايته، بل تدخلت قدرة الله مباشرة وقال للنار: "كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَىٰ إِبْرَاهِيمَ"، وهذا أكبر درس على أن قوة الله تفوق كل قوة بشرية، وأنه سبحانه يحمي وينجي من يثق به ويلجأ إليه.
- نهاية الظلم والطغيان تكون مهينة: النمرود، الذي ادعى أنه رب العالمين وأنه يحيي ويميت، كانت نهايته على يد "حشرة صغيرة جداً"، القصة تذكر أن هذا حدث "ليعلم الجميع أن من ادعى أنه رب الناس واستعبدهم وظلمهم لم يستطع أن يدفع عن نفسه أذى بعوضة صغيرة"، مما يدل على أن مهما بلغت قوة الطغاة، فإن نهايتهم أمام قوة الله تكون صغيرة ومهينة.
أهم الأسئلة والأجوبة حول قصة سيدنا إبراهيم والنمرود
هيا نختبر معلوماتنا احبابي الصغار بعد ان قرئنا القصة بشكل جيد وبشكل كامل لنختبر معلوماتنا:
