كيف حالكم اليوم يا أصدقاء مدونتنا قصة لكل جيل الأعزاء؟ هل أنتم مستعدون لقصة اليوم؟! إذن فلنبدأ في سرد قصة فرخ البط القبيح للاطفال بأسلوب بسيط وجذاب كما عودناكم، هيا بنا لننطلق مع قصتنا الجميلة.
قصة فرخ البط القبيح للاطفال
كان الجو جميلًا في الصيف، وكانت الحقول مليئة بالقمح الذهبي، والشوفان الأخضر، وأكوام التبن في المروج، وكان المنظر رائعًا في كل مكان، كانت الطبيعة في أجمل حالاتها.
وكان اللقلق يمشي على ساقيه الحمراوين الطويلتين، ويتكلم بلغة مصرية قديمة تعلمها من أمه، وكانت الغابات تحيط بالحقول، وفي وسطها برك ماء عميقة وهادئة.
وكان المشي في الريف متعة حقيقية، خاصة في الأماكن المشمسة، وفي أحد تلك الأماكن، كان هناك بيت مزرعة قديم وجميل، بجانب نهر عميق هادئ المياه.
ونامت تحت المنزل أوراق الأرقطيون الكبيرة، كانت تنمو بكثرة على ضفة النهر، حتى إن أطول ورقة منها يمكن أن يقف تحتها طفل صغير دون أن يراها أحد.
كان المكان يبدو كأنه في أعماق الغابة، هادئًا ومخفيًا، وفي هذا المكان الآمن، كانت بطة تجلس فوق عشها، تنتظر بيضها حتى يفقس ويخرج منه صغارها.
لكنها بدأت تشعر بالتعب من طول الانتظار، فقد تأخر البيض في الفقس، ولم يكن أحد يزورها، لأن باقي البطات فضّلن السباحة في النهر بدل الجلوس معها تحت الأوراق.
وأخيرًا، بدأ أحد البيوض يتشقق، ثم آخر، ثم آخر! وخرج من كل بيضة صغير حي، يرفع رأسه ويقول: "بيب، بيب!" وكانت أصواتهم ضعيفة ومضحكة.
قالت الأم: "كواك، كواك!" وبدأ الصغار يقلدونها بصوت خافت: "كواك، كواك!" ثم نظروا حولهم بفضول إلى الأوراق الخضراء الكبيرة التي تغطي المكان من كل جانب.
سمحت لهم الأم أن ينظروا كما يشاؤون، وقالت: "النظر إلى اللون الأخضر مفيد للعينين!" وكان الجميع سعداء بهذه اللحظة الجميلة.
قال أحد البط الصغير بسعادة: "يا لها من مساحة واسعة في هذا العالم!" فقد شعروا بحرية كبيرة مقارنة بما كانوا عليه داخل قشور البيض الضيقة.
قالت الأم: "هل تظنون أن هذا هو العالم كله؟ انتظروا حتى تروا الحديقة! إنها تمتد حتى حقل القسيس، لكنني لم أجرؤ على الذهاب إلى هناك من قبل."
ثم وقفت الأم فجأة وقالت: "هل خرج الجميع؟" ثم نظرت في العش وقالت: "لا! ما زالت البيضة الكبيرة موجودة! لا أعرف كم سأنتظر بعد، لقد تعبت كثيرًا."
جلست الأم من جديد فوق البيضة الكبيرة، وهي تشعر بالإرهاق، وبعد قليل، جاءت بطة عجوز لزيارتها وسألتها: "كيف تسير الأمور معك؟".
قالت البطة الأم: "فقست كل البيضات ما عدا واحدة، إنها لا تنكسر أبدًا! لكن انظري إلى الصغار، أليسوا رائعين؟ إنهم يشبهون والدهم، رغم أنه لا يهتم بنا أبدًا.
قالت البطة العجوز: "دعيني أرى تلك البيضة! أظن أنها بيضة ديك رومي، حدث لي نفس الشيء، فقست بيضهم لكنهم خافوا من الماء ولم أستطع تعليمهم السباحة."
وأضافت: "كنت أقول لهم: كواك! كواك! ولكن بلا فائدة، ظلوا واقفين على اليابسة خائفين، دعيني أرى البيضة..، نعم، إنها بالتأكيد بيضة ديك رومي!"
ثم نصحتها: "اتركي هذه البيضة، وركزي على تعليم بقية الصغار كيف يسبحون في النهر." لكن البطة الأم قالت: "لقد جلست عليها كثيرًا، وسأنتظر بضعة أيام أخرى.
قالت البطة العجوز: "افعلي ما يحلو لك"، ثم ذهبت في طريقها، جلست الأم تنتظر، حتى بدأت البيضة الكبيرة تتحرك، وفي النهاية انكسرت وخرج منها فرخ صغير.
كان الفرخ الجديد كبيرًا وغريب الشكل، قال: "بيب! بيب!" نظرت إليه أمه بدهشة وقالت: "إنه كبير جدًا، ولا يشبه إخوته أبدًا! ربما يكون ديكًا روميًا!"
وأضافت: "سنعرف ذلك عندما نذهب إلى الماء، يجب أن يسبح مثل الآخرين، حتى لو اضطررت إلى دفعه بقدمي!" كانت الأم قلقة، لكنها قررت أن تنتظر لترى.
في اليوم التالي، كان الجو جميلًا، والشمس مشرقة، وأوراق الأرقطيون خضراء، أخذت الأم صغارها إلى الماء، وقفزت فيه بسرعة وهي تقول: "كواك! كواك!".
قفز الصغار واحدًا تلو الآخر خلف أمهم، غطتهم المياه للحظة، ثم ظهروا وهم يسبحون بلطف، يستخدمون أرجلهم بشكل رائع، حتى الفرخ القبيح سبح معهم بشكل ممتاز!
فرحت الأم وقالت: "هذا ليس ديكًا روميًا! انظروا كيف يستخدم أرجله! إنه يسبح مثل إخوته! إنه ابني فعلًا، وليس قبيحًا كما ظننته في البداية."
ثم قالت: "كواك! كواك! تعالوا معي الآن، سأعرفكم على باقي الحيوانات في المزرعة، لكن ابقوا قريبين مني، فقد تدوسكم أقدام الناس، وإياكم والاقتراب من القطة!
عندما وصلوا إلى ساحة المزرعة، كان هناك شجار كبير! عائلتان من البط يتقاتلان على رأس ثعبان صغير، لكن في النهاية خطفته القطة وهربت به.
قالت الأم لصغارها وهي تحك منقارها: "هل رأيتم؟ هكذا هو العالم، كلٌ يحاول أخذ ما يريد!" كانت تتمنى أن تحصل على رأس الثعبان هي أيضًا.
تابعت الأم كلامها: "هيا يا صغاري، دعوني أرى كيف تتصرفون بلطافة، عليكم أن تنحنوا بأدب لتلك البطة الكبيرة هناك؛ إنها من عائلة عريقة، ودمها إسباني!"
وأكملت: "هل ترون الشريط الأحمر المربوط في ساقها؟ هذا يعني أنها بطة مهمة جدًا، ولا أحد يريد أن يضيعها، يعرفها الجميع من الناس والحيوانات!"
قالت أيضًا: "افتحوا أقدامكم جيدًا عند المشي مثل أبيكم وأمكم، ولا تجعلوا أصابعكم ملتوية، ثم اثنوا رقابكم، وقولوا (كواك) بأدب."
نفذت البطات الصغيرة ما قالته الأم، لكن إحدى البطات القديمة نظرت إليهم وقالت: "انظروا! مجموعة جديدة من البط! وكأننا لا نكفي! ومن هذا القبيح بينهم؟ لا نريده هنا!"
وفجأة طارت بطة غاضبة وقامت بعضّ الفرخ القبيح في رقبته!
صرخت الأم: "اتركوه! إنه لا يؤذي أحدًا!
قالت بطة شريرة وهي تنظر بازدراء:
"نعم، لكنه كبير وقبيح! لذلك يجب طرده بعيدًا."
وقالت البطة العجوز ذات الشريط الأحمر على ساقها:
"الأولاد الآخرون جميلون جدًا… ما عدا هذا المسكين، أتمنى لو أن أمه تستطيع أن تُحسّن مظهره قليلًا."
ردت أم البط بلطف واحترام:
"هذا مستحيل، يا صاحبة المقام، صحيح أنه ليس جميلًا، لكن قلبه طيب جدًا، وهو يسبح بشكل رائع، بل ربما أفضل من إخوته، أظن أنه سيصبح جميلًا عندما يكبر، وربما يصغر حجمه قليلًا؛ لقد ظل في البيضة وقتًا طويلًا، ولهذا لم يتكوَّن جسمه جيدًا."
ثم مسحت على رقبته بلطف، وسوّت ريشه، وقالت:
"إنه ذكر، ولذلك ليس مهمًا كثيرًا مثل الإناث، أعتقد أنه سيصبح قويًا، ويستطيع الاعتماد على نفسه."
قالت البطة العجوز وهي تبتعد:
"البطات الأخريات رشيقات وجميلات، على كل حال، تصرفي براحتك، وإذا وجدتِ رأس ثعبان، أحضريه لي."
وبهذا، بدأ الجميع يتصرفون وكأن الأمور طبيعية، لكن الفرخ الصغير، الذي فقس آخر واحد من البيض وكان يبدو قبيحًا، لم يكن سعيدًا…
فقد صار يتعرض للعض والدفع والسخرية، ليس فقط من البط، بل من جميع الطيور في المزرعة!
قال الجميع بصوت واحد:
"إنه كبير جدًا!"
أما الديك الرومي، الذي وُلد وفي قدميه نتوءات كأنها سلاح، وكان يظن نفسه إمبراطورًا عظيمًا، فقد انتفخ مثل مركب شراعي في البحر، وانقضّ على الفرخ المسكين، وأصبح رأسه أحمر من شدة الغضب!
لم يعرف الفرخ القبيح أين يذهب، كان حزينًا جدًا لأن الجميع يسخرون منه ويعاملونه بقسوة، فقط لأنه يبدو مختلفًا.
وهكذا مرت الأيام، والوضع يزداد سوءًا…
صار الجميع يطردونه ويؤذونه، حتى إخوته وأخواته كانوا يقولون له:
"آه أيها القبيح! نتمنى لو تأكلك القطة!"
أما أمه، فقالت بحزن:
"ليته لم يولد أصلًا!"
البط كان ينقره، والدجاج يضربه، وحتى الفتاة التي تطعم الطيور كانت تركله بقدمها!
فهرب في النهاية، وقفز فوق السياج، مفزعًا العصافير الصغيرة التي كانت تختبئ في الشجيرات.
قال في نفسه وهو يطير بعيدًا:
"إنهم يخافون مني لأنني قبيح…"
ثم أغلق عينيه، وواصل الطيران حتى وصل إلى مستنقع كبير تسكنه البط البريّة.
بقي هناك طوال الليل، وهو متعب وحزين للغاية.
وفي الصباح، عندما نهضت البط البريّة وبدأت تطير، لاحظت وجوده، فاقتربت منه وسألته:
"من أي نوع من البط أنت؟"
انحنى لهم بأدب، وحاول أن يكون مهذبًا قدر استطاعته، لكنه لم يجب على سؤالهم.
قالت إحدى البطات البرية:
"أنت قبيح جدًا! … لكن لا بأس، طالما أنك لا تريد الزواج من أفراد عائلتنا!"
يا للمسكين! لم يكن يفكر في الزواج أبدًا؛ كل ما كان يتمناه هو أن يستلقي بين الأعشاب الطويلة، ويشرب قليلًا من ماء المستنقع، كان يريد فقط أن يشعر بالهدوء والراحة.
بعد يومين من وجوده في المستنقع، جاءت أوزتان بريتان صغيرتان، لم يمضِ وقت طويل منذ خروجهما من البيضة، وكانتا تتصرفان بوقاحة وغرور، وتتحدثان بصوت عالٍ دون خوف.
قالت إحدى الأوزتين للفرخ الصغير: "اسمع يا صديق، أنت قبيح جدًا، ولهذا نحن نحبك! هل تريد أن تأتي معنا وتصبح طائرًا مهاجرًا؟ سنذهب إلى مستنقع آخر قريب."
تابعت الأوزة كلامها وقالت: "في ذلك المستنقع تعيش أوزات جميلات لم يتزوجن بعد، قد تجد لك زوجة هناك، وربما تكون محظوظًا، رغم قبحك الشديد!".
ثم حدث شيء مفاجئ، فجأة سمعوا صوت "بوب! بوب!" في السماء، وسقطت الأوزتان الصغيرتان ميتتين بين الأعشاب، وظهرت بقع من الدم في الماء، وامتلأ المكان بالفوضى والخوف والصيحات.
انتشر صوت إطلاق النار في كل مكان، وبدأت أسراب الأوز البري تطير مذعورة من بين الأعشاب، كان الصيادون قد أحاطوا المستنقع، وبعضهم يراقب من فوق الأشجار.
ارتفعت سحب من الدخان الأزرق من البنادق، وبدت كأنها غيوم تمر فوق الأشجار الداكنة، ثم قفزت كلاب الصيد بين الأعشاب، وكانت الأعشاب تنحني تحت أقدامها الثقيلة.
ارتعب الفرخ الصغير كثيرًا، وخاف من أن يُكتشف، أخفى رأسه تحت جناحه، لكن كلبًا ضخمًا ومخيفًا اقترب منه، وكان فمه مفتوحًا ولسانه يتدلى وعيناه تلمعان.
اقترب الكلب من الفرخ وأظهر أنيابه الحادة، ثم فجأة قفز في الماء دون أن يلمسه، قال الفرخ في نفسه: "يا لحظي! شكراً لأنني قبيح..، حتى الكلب لم يعضّني!"
ظل ساكنًا تمامًا بينما استمرت البنادق تطلق النار من كل اتجاه، مرّت ساعات طويلة وهو يختبئ بين الأعشاب، حتى انتهى كل شيء، وساد الهدوء المكان من جديد.
انتظر الفرخ الصغير قليلاً وهو ينظر حوله بحذر، ثم بدأ يجري مبتعدًا عن المستنقع، ركض عبر الحقول والمروج حتى هبت عاصفة قوية، وصار من الصعب عليه المقاومة.
في المساء، وصل الفرخ الصغير إلى كوخ قديم متهالك، يبدو وكأنه سيسقط في أي لحظة، لكنه لم يكن يعرف في أي اتجاه يسقط أولًا، لذلك بقي واقفًا بصعوبة.
كانت العاصفة شديدة جدًا، فلم يستطع الفرخ أن يستمر في السير، جلس بجانب الكوخ، ولاحظ أن الباب ليس مغلقًا تمامًا، لأن أحد المفصلات قد انكسر.
كان هناك فتحة صغيرة قرب أسفل الباب، تكفي ليزحف منها الفرخ، دخل بهدوء شديد واختبأ داخل الكوخ، ليقضي ليلته بعيدًا عن البرد والمطر والعاصفة القوية.
كانت تعيش في هذا الكوخ امرأة، وقط ذكر، ودجاجة، كانت المرأة تنادي القط: "يا ابني الصغير"، وكانت تحبه كثيرًا لأنه كان يخرخر، ويرفع ظهره، ويبدو ذكيًا.
وإذا لمسته بعكس اتجاه الشعر، كان يصدر شرارات! أما الدجاجة فكانت قصيرة الأرجل، ولهذا أسمتها المرأة: "قصيرة الساقين"، وكانت تبيض بيضًا جيدًا.
كانت المرأة تحب دجاجتها كما لو كانت ابنتها، وفي الصباح، لاحظوا وجود الضيف الغريب، بدأ القط بالخرخرة، وبدأت الدجاجة تصدر صوتها المعتاد.
قالت العجوز: "ما هذا الصوت؟" وأخذت تنظر حول الغرفة، لكن نظرها لم يكن جيدًا، وعندما رأت الفرخ، ظنته بطة سمينة ضلت طريقها إلى هذا المكان.
قالت بفرح: "يا لها من مفاجأة رائعة! أتمنى ألا تكون ذكرًا، حتى أحصل على بيض البط، يجب أن أراقبه لعدة أيام لأتأكد."
سمحت له بالبقاء في الكوخ لفترة تجربة دامت ثلاثة أسابيع، لكنه لم يضع أي بيض، وكان القط هو السيد في البيت، والدجاجة هي السيدة، ويتصرفان بثقة كبيرة.
كانا يقولان دائمًا: "نحن والعالم"، لأنهما كانا يظنان أن نصف العالم ملك لهما، بل هما أفضل نصف، أما الفرخ فكان يرى الأمور بطريقة مختلفة.
لكن الدجاجة لم تكن تحب هذا الكلام، وقالت له بغرور: "هل تستطيع أن تبيض؟
قال الفرخ: "لا."
فقالت له الدجاجة: "إذن من الأفضل أن تسكت."
ثم قال القط: "هل تستطيع أن ترفع ظهرك أو تخرخر أو تُخرج شرارات من جسمك؟"
رد الفرخ: "لا."
قال القط: "إذًا لا يحق لك أن تتكلم عندما يتحدث العقلاء."
جلس الفرخ في زاوية من الكوخ وهو حزين جدًا، حتى دخل ضوء الشمس والهواء النقي من الباب المفتوح، فشعر برغبة شديدة في السباحة بالماء.
لم يستطع أن يكتم هذه الرغبة، فقال للدجاجة: "أشتاق كثيرًا لأن أسبح في الماء، وأغوص إلى القاع، أشعر بالسعادة عندما يحيطني الماء من كل جانب."
ضحكت الدجاجة وقالت: "يا لها من فكرة سخيفة! لا يوجد لديك شيء تفعله، لهذا تأتيك هذه الأفكار الغريبة."
وأضافت: "لو كنت تخرخر مثل القط، أو تبيض مثل الدجاجة، لما فكرت في مثل هذه الأمور."
قال الفرخ: "لكن السباحة في الماء ممتعة جدًا، والشعور بالماء فوق رأسي وأنا أغوص، شيء جميل جدًا."
قالت الدجاجة بسخرية: "ممتعة؟! لا بد أنك مجنون! اسأل القط، وهو أذكى حيوان أعرفه، هل يحب السباحة؟ أو الغوص في الماء؟"
ثم تابعت: "ولا أريد أن أذكر رأيي أنا، اسأل صاحبتنا العجوز، هل تظن أنها تحب السباحة أو تغطية رأسها بالماء؟"
قال الفرخ: "أنتم لا تفهمونني."
صرخت الدجاجة: "نحن لا نفهمك؟! من سيفهمك إذًا؟ هل تظن نفسك أذكى من القط أو من المرأة العجوز؟"
"لن أتكلم عن نفسي، لكن دعني أخبرك شيئًا: لا تتخيل هذه الأفكار الغبية، واشكر ربك أنك وجدت من يستقبلك في هذا الكوخ."
"أنت في غرفة دافئة، ومع حيوانات تستطيع أن تتعلم منها، لكنك ثرثار، ووجودك غير لطيف."
"صدقني، أنا أقول هذا من أجل مصلحتك، قد تكون كلماتي قاسية، لكنها دليل على محبتي."
"أنصحك أن تتعلم كيف تبيض، أو كيف تخرخر مثل القط، بأسرع وقت ممكن."
قال الفرخ الصغير: "أعتقد أنني يجب أن أخرج إلى العالم من جديد."
ردت الدجاجة بسرعة: "نعم، افعل ذلك." فغادر الفرخ الكوخ، وسرعان ما وجد ماءً يستطيع السباحة والغوص فيه.
لكن كل الحيوانات الأخرى كانت تبتعد عنه، لأنه كان قبيح الشكل، ولم يرغب أحد في اللعب معه أو الاقتراب منه، وهذا أحزن قلبه الصغير كثيرًا.
جاء فصل الخريف، وتحولت أوراق الأشجار في الغابة إلى ألوان برتقالية وذهبية جميلة، ثم بدأ الشتاء يقترب، فصارت الرياح تلتقط الأوراق المتساقطة وتطير بها في الهواء البارد.
امتلأت السماء بالغيوم الثقيلة، وكانت محمّلة بحبات البَرَد وثلوج صغيرة، وبدت قريبة من الأرض، وكأنها ستسقط في أي لحظة.
وقف غراب أسود على الأعشاب اليابسة وهو يصيح: "كروك، كروك!" وكان منظره يجعل من يشاهده يشعر بالبرد والقشعريرة.
كل هذا كان محزنًا جدًا للفرخ الصغير، الذي شعر بالوحدة والبرد، ولم يجد من يؤنسه أو يواسيه في هذا الجو القاسي.
في مساء جميل، وقبل غروب الشمس بلحظات، امتلأت السماء بالغيوم اللامعة، وخرج سرب كبير من الطيور الرائعة من بين الأشجار، لم يرَ الفرخ مثلها من قبل.
كانت طيور البجع الجميلة، بأعناقها الطويلة المنحنية، وريشها الأبيض الناعم اللامع كأنّه الثلج، أطلقت أصواتًا غريبة وهي تفتح أجنحتها الرائعة وتطير مبتعدة نحو بلاد دافئة خلف البحر.
كلما ارتفعت البجع في السماء، شعر الفرخ الصغير بإحساس غريب لم يعرفه من قبل، دار في الماء كالدولاب، ومدّ عنقه نحوها، وأطلق صوتًا غريبًا أخافه هو نفسه!
لم يكن يستطيع أن ينسى تلك الطيور الجميلة السعيدة، وعندما اختفوا من أمام عينيه، غاص في الماء وخرج مرة أخرى وهو شديد الانفعال، يكاد لا يعرف ما يشعر به.
لم يكن يعرف أسماء هذه الطيور، ولا إلى أين طارت، لكنه شعر ناحيتها بمشاعر لم يشعر بها مع أي طائر آخر في حياته، لم يشعر بالغيرة، بل تمنى أن يكون مثلها.
آه يا له من مخلوق مسكين! كم كان سيفرح لو قبله البط ليعيش بينهم، حتى لو لم يكن جميلًا مثلهم، لكنه بقي وحيدًا، لا أحد يشجعه أو يحبه.
زاد البرد يومًا بعد يوم، واضطر الفرخ أن يسبح باستمرار كي لا يتجمد الماء، وكل ليلة كانت مساحة الماء التي يستطيع السباحة فيها تصغر أكثر فأكثر.
حتى جاء يوم تجمد فيه الماء تمامًا، وصار يصدر صوتًا مثل التكسّر كلما تحرك، حاول الفرخ أن يحرك ساقيه ليمنع الماء من التجمد حوله، لكنه بدأ يشعر بالتعب الشديد.
وفي النهاية، لم يعد يستطيع الحركة، وبقي ساكنًا في مكانه، وقد تجمد جسده داخل الجليد، ولم يعد قادرًا على إنقاذ نفسه.
في الصباح الباكر، مرّ فلاح بجانب البحيرة، فرأى الفرخ الصغير وقد تجمد في الجليد، فكسر الجليد بحذائه الخشبي، وأخذ الفرخ إلى بيته حيث كانت زوجته تنتظره.
بسبب دفء البيت، عاد للحياة مرة أخرى، لكنه خاف حين أراد الأطفال اللعب معه، فظن أنهم سيؤذونه، فقفز فجأة ووقع داخل وعاء الحليب، وبدأ الحليب يتناثر بكل مكان!
صفقت المرأة بيديها مندهشة، فزاد خوف الفرخ وقفز إلى وعاء الزبدة، ثم إلى وعاء الدقيق، ثم خرج منه بسرعة، أصبح منظره فوضويًا ومضحكًا للغاية.
صرخت المرأة وضربته بملقط النار، والأطفال ضحكوا وركضوا خلفه وهم يصيحون، لكنه، ولحسن الحظ، استطاع الهروب، كان الباب مفتوحًا، فزحف خارجه واختبأ بين الشجيرات في الثلج.
يا له من شتاء قاسٍ! عانى فيه الفرخ من البرد والجوع والخوف، ولو رويت لكم كل ما مرّ به من ألم، لشعرتم بالحزن الشديد، لكنه تحمّل كل ذلك بصبر.
وأخيرًا، جاء الربيع! استيقظ الفرخ ذات صباح فوجد نفسه في مستنقع بين الأعشاب، والشمس تشرق عليه، والعصافير تغني، والزهور تتفتح، والجو دافئ وجميل.
شعر الفرخ أن جناحيه أصبحا قويين، فبدأ يرفرف بهما، وطار عاليًا في السماء، حتى وصل إلى حديقة كبيرة جميلة، دون أن يفهم كيف وصل إليها.
كانت أشجار التفاح مملوءة بالزهور، وأغصان الزيزفون العطرة تنحني نحو الجدول الصافي، كل شيء كان يبدو جميلاً في الربيع الجديد، وكأن الدنيا بدأت من جديد.
من بين الأشجار ظهرت ثلاث بجعات بيضاء رائعة، تلمع ريشها، وتسبح بهدوء فوق الماء، تذكر الفرخ تلك الطيور الجميلة، وشعر بالحزن أكثر من أي وقت مضى.
قال في نفسه: "سأطير نحو هذه الطيور الملكية، وسأدعها تقتلني، فأنا قبيح ولا أستحق الاقتراب منها، لكن الموت على يدها أفضل من كل ما عانيته."
"أفضل أن تقتلني البجعات من أن يضربني البط، أو تنقرني الدجاجة، أو تطردني الفتاة، أو أموت من الجوع والبرد في الشتاء."
طار الفرخ نحو الماء، واتجه إلى البجعات الجميلة، وعندما رأينه، أسرعن نحوه بأجنحتهن المفتوحة، وكأنهن يرحبن به.
قال الفرخ المسكين: "اقتلنني!" ثم انحنى برأسه نحو سطح الماء، وأغلق عينيه، ينتظر نهايته
لكن، ماذا رأى الفرخ في الماء الصافي؟ لقد رأى صورته! لم يكن طائرًا رماديًا قبيحًا بعد الآن، بل بجعة جميلة ورشيقة، لامعة الريش، تسبح برشاقة فوق الماء.
نعم! لقد أصبح بجعة حقيقية، أن تولد في عش بط داخل مزرعة لا يعني شيئًا، إذا كنت في الحقيقة قد خرجت من بيضة بجعة، هذا ما اكتشفه الآن.
شعر بالسعادة لأنه تحمّل الحزن والتعب، فقد أصبح يقدّر الفرح والجمال من حوله أكثر، والبجع الجميل كان يسبح حوله، يلمس عنقه بمنقاره ترحيبًا به.
دخل بعض الأطفال إلى الحديقة، وبدأوا يرمون الخبز والكعك في الماء للبجع، صاحت أصغر طفلة: "انظروا! بجعة جديدة!" وركض الجميع بفرح نحو والديهم.
راح الأطفال يرقصون ويصفقون ويهتفون بسعادة: "لقد جاءت بجعة جديدة! إنها جميلة جدًا!" ثم رموا المزيد من الخبز والكعك في الماء وهم ينظرون إليه بإعجاب.
قال أحدهم: "البجعة الجديدة هي الأجمل بين الجميع، إنها صغيرة وجميلة!" وانحنى البجع الكبير احترامًا له، وكأنه يرحب به بين أفراد عائلته الجديدة.
شعر بالخجل، وأخفى رأسه تحت جناحه، لم يكن يعرف كيف يتصرف، وكان سعيدًا جدًا، لكن دون غرور، فقد عاش عمره يعاني من القسوة والرفض بسبب شكله.
والآن، يسمعهم يقولون إنه أجمل طائر في الوجود، حتى أغصان شجرة الزيزفون انحنت نحوه، والشمس كانت مشرقة ودافئة فوق رأسه.
رفرف بريشه الجميل، ورفع عنقه الطويل، وصاح من أعماق قلبه بسعادة، وقال لم أكن أحلم أبدًا أنني سأشعر بهذه السعادة..، وأنا الذي كنت مجرد فرخ بط قبيح.
اقرأ: قصة السمكة الحمراء وعصابة أسماك القرش
العبرة من قصة فرخ البط القبيح للاطفال
- الأشياء الصغيرة قد تكشف عن أمور كبيرة: حبة بازِلاء صغيرة جدًا كانت كافية لتكشف أن الفتاة أميرة حقيقية، هذا يُعلمنا ألا نستخف بالأشياء الصغيرة.
- الصفات الحقيقية لا تظهر من المظهر فقط: رغم أن الأميرة كانت بمظهر غير لائق بسبب المطر، إلا أن جوهرها الحقيقي ظهر في النهاية، لا نحكم على الناس من شكلهم.
- الاختبارات تكشف الحقائق: الملكة لم تصدّق كلام الأميرة، بل اختبرتها بحكمة وذكاء، والاختبار أظهر الحقيقة، هذا يُعلمنا التفكير قبل الحكم.
- الإخلاص في البحث يوصلك لهدفك: الأمير لم يتوقف عن البحث عن أميرة حقيقية رغم الصعوبات، وفي النهاية، وُفق في إيجادها، الإصرار يحقق الأماني.
- المواقف الصعبة لا تمنع الحقيقة من الظهور: حتى في أسوأ الظروف (عاصفة ومطر)، ظهرت الأميرة، وبيّنت الأيام أنها أميرة بالفعل، المواقف الصعبة قد تكون بداية الخير.
