أقسام الوصول السريع (مربع البحث)

قصة بائعة الكبريت للاطفال

قصص الأطفال هي وسيلة رائعة لتعليمهم الكثير من الدروس والعبر بأسلوب بسيط يناسب مستواهم العقلي وحداثة سنهم، ولذلك فإننا نحرص في مدونة "قصة لكل جيل" على توفير الأنواع المختلفة من قصص الأطفال المفيدة.

قصة بائعة الكبريت

واليوم موعدنا مع واحدة من أشهر القصص وهي قصة بائعة الكبريت للاطفال، هذه القصة التي يحبها الكبير قبل الصغير ويتأثر بها الجميع، فهيا بنا لنقرأها معًا ونرى ماذا حدث للفتاة المسكينة في ذلك البرد القارس.

قصة بائعة الكبريت للاطفال

كان الجو باردًا جدًا، والليل قد اقترب في آخر يوم من السنة القديمة، وكانت الثلوج تتساقط بسرعة، في هذا البرد والظلام، كانت فتاة صغيرة مسكينة تتجول في الشوارع.

كانت الفتاة حافية الرأس والقدمين، صحيح أنها خرجت من بيتها وهي ترتدي حذاءً، لكنه كان واسعًا جدًا، فقد كان حذاء والدتها، ولم يكن مناسبًا لقدميها الصغيرتين.

وأثناء ركضها لتفادي عربتين مسرعتين، فقدت الحذاءين، لم تجد أحدهما أبدًا، أما الآخر فقد أخذه ولد صغير وهرب به، وقال إنه سيستخدمه سريرًا لطفله في المستقبل!

فاضطرت الطفلة المسكينة أن تتابع سيرها حافية القدمين، وكانت قدماها حمراوين ومزرقتين من شدة البرد، تمشي بهدوء في الشوارع الخالية.

كانت تحمل في مئزر قديم عددًا من علب الكبريت، وفي يديها حزمة أخرى منها، لم يشترِ منها أحد شيئًا طوال اليوم، ولم يعطِها أي شخص حتى قطعة نقد صغيرة.

كانت ترتجف من شدة البرد والجوع، تمشي ببطء، يبدو على وجهها الحزن والتعب، تساقطت الثلوج على شعرها الأشقر الطويل، الذي كان يتدلّى في خصلات ناعمة فوق كتفيها، لكنها لم تهتم.

كانت الأنوار تتلألأ في نوافذ البيوت، وتنتشر في الجو رائحة لذيذة لطائر الإوز المشوي، فقد كان هذا هو ليلة رأس السنة، نعم! لقد تذكّرت الطفلة ذلك.

جلست في زاوية بين بيتين، أحدهما بارز قليلاً عن الآخر، فانكمشت على نفسها وضمّت قدميها تحت جسمها، لكنها لم تستطع أن تتدفأ، وكان البرد يزداد أكثر.

لم تجرؤ أن تعود إلى بيتها، لأنها لم تبع أي علبة كبريت، ولم تحصل على أي نقود، كانت تخاف أن يغضب والدها ويضربها بسبب ذلك.

وفوق هذا، كان البيت شديد البرودة أيضًا، فلا يوجد فيه سوى السقف، والريح تدخل من كل مكان، رغم أنهم أغلقوا الثقوب الكبيرة بالقش والخرق القديمة.

كانت يداها الصغيرتان على وشك أن تتجمدا من شدة البرد، فكرت: "ربما إذا أشعلت عود كبريت واحد فقط، قد يساعدني قليلًا في تدفئة أصابعي."

سحبت عودًا من الحزمة، وأشعلته على الحائط، "تششش!" كيف اشتعل وخرج منه ضوء جميل! بدا مثل شمعة صغيرة مضيئة، وشعرت الفتاة بالدفء حين وضعت يدها فوقه.

تخيلت الفتاة أنها تجلس أمام موقد حديدي كبير، له أرجل نحاسية لامعة، وزينة جميلة، كان يشتعل بنار دافئة وجميلة جعلتها تمدّ قدميها لتتدفأ..، لكن فجأة انطفأ العود.

اختفى الموقد، ولم يتبقَّ إلا عود الكبريت المحترق في يدها، شعرت بالحزن، لكنها أرادت الشعور بالدفء مرة أخرى، ففركت عودًا آخر على الجدار.

اشتعل العود من جديد، وأضاء الجدار أمامها، حتى بدا شفافًا مثل الستارة، ورأت من خلاله غرفة دافئة فيها مائدة جميلة مغطاة بمفرش أبيض نظيف.

كان على المائدة طعام لذيذ، وفوقه إوزة مشوية ساخنة، محشوة بالتفاح والبرقوق المجفف، فجأة، قفزت الإوزة من الطبق، ومشت نحو الفتاة وبها شوكة وسكين!

لكن العود انطفأ مرة أخرى، واختفت الإوزة، وعادت الفتاة ترى الجدار البارد أمامها، لم يكن هناك أي طعام، ولا مائدة، ولا دفء، فقط الظلام والبرد.

أشعلت عودًا آخر، وهذه المرة رأت شجرة عيد ميلاد كبيرة وجميلة، أكبر وأجمل من تلك التي شاهدتها من نافذة بيت التاجر الغني.

كانت الشجرة مزينة بألوان كثيرة، وعلى فروعها شموع صغيرة تلمع، وصور ملونة مثل التي كانت تراها خلف زجاج المحلات، مدت يدها لتلمس الزينة، فانطفأ العود.

ارتفعت أضواء شجرة الميلاد عاليًا في السماء، حتى ظنّت الطفلة أنها أصبحت مثل النجوم، ثم رأت نجمة تسقط وتترك خلفها أثرًا من النور.

قالت الطفلة في نفسها: "لا بد أن شخصًا ما قد مات"، فقد كانت جدتها الحبيبة، التي كانت الوحيدة التي أحبتها، تقول لها دائمًا: "عندما تسقط نجمة، تصعد روح إلى الله."

أشعلت الطفلة عودًا آخر، وفجأة أضاء نورٌ حولها، وظهرت جدتها العزيزة وسط هذا الضوء، كانت واضحة ومضيئة، ومليئة بالحب والحنان.

صرخت الطفلة بسعادة: "جدتي! خذيني معك! أعلم أنك ستختفين عندما ينطفئ عود الكبريت، كما اختفى الموقد، والإوزة المشوية، وشجرة الميلاد."

أسرعت الطفلة وأشعلت كل أعواد الكبريت دفعة واحدة، كانت تريد أن تبقى جدتها معها، ولا تختفي أبدًا، وتوهجت الأعواد بنور ساطع يفوق نور الشمس في الظهيرة.

لم تكن جدتها أبدًا بهذا الجمال والدفء من قبل، ضمّت الطفلة بين ذراعيها، وطارا معًا في نور وفرح، فوق الأرض، حيث لا برد هناك ولا جوع ولا ألم.

لقد ذهبا معًا إلى الله، إلى مكان مليء بالحب والطمأنينة والفرح، حيث لا دموع بعد الآن، ولا ليالٍ باردة، فقط النور والسلام الدائم.

وعند بزوغ فجر اليوم الجديد، كانت الطفلة الصغيرة ما تزال جالسة في الزاوية، وقد تجمّدت حتى فارقت الحياة، وارتسمت على شفتيها ابتسامة هادئة، كأنها كانت ترى شيئًا جميلاً في لحظاتها الأخيرة.

أشرقت شمس العام الجديد، فأضاءت وجهها البريء، بينما ظلّت تمسك بعلبة الكبريت في يدها الصغيرة، وقد احترق منها عود أو اثنان.

قال المارّة: "يا لها من مسكينة، حاولت أن تدفئ نفسها!".

لكن لا أحد علم ما الذي رأته تلك الطفلة قبل رحيلها، ولا ما نالته روحها من السعادة، ولا أنها غادرت هذا العالم البارد، لتجد الدفء الحقيقي في رحمة الله، ولتلقى جدتها الحبيبة في دار أعدّها الرحمن، لا برد فيها ولا جوع، بل نور وسلام وطمأنينة لا تزول.

اقرأ: قصة الاميرة والبازلاء للأطفال

الدروس المستفادة من قصة بائعة الكبريت للاطفال

  1. رحمة الناس يمكن أن تغيّر المصير: لو أن أحد المارة أعطى الطفلة قطعة نقود أو ساعدها، لكان أنقذ حياتها. القصة تذكّرنا بأهمية الرحمة ومساعدة المحتاجين، خصوصًا في الأوقات الصعبة.
  2. الاحتياج لا يعني الكسل: الفتاة لم تكن تتسول، بل كانت تحاول أن تبيع أعواد الكبريت بكرامة. القصة تعلّمنا ألا نحكم على الفقراء من مظهرهم، فلكل إنسان كفاحه وألمه.
  3. الخيال والأمل يخففان الألم: رغم البرد والجوع، لجأت الطفلة إلى خيالها وأحلامها لتشعر بالدفء والراحة. وهذا يبيّن لنا قوة الأمل في أحلك اللحظات.
  4. الحب الحقيقي لا يُنسى: رؤية الطفلة لجدتها في لحظاتها الأخيرة تعبّر عن مدى تعلّقها بالحب والحنان الذي افتقدته في الحياة. المشاعر الصادقة تبقى حتى بعد الفراق.
  5. قد يغيب الجسد، لكن الروح تجد السلام: نهاية القصة حزينة ظاهريًا، لكنها مليئة بالسكينة، حيث ذهبت الطفلة إلى مكان لا يوجد فيه ألم. القصة تحمل رسالة عن الرحمة الإلهية والطمأنينة بعد المعاناة.
قصة لكل جيل
قصة لكل جيل
تعليقات