أهلاً بكم أحبابي وأبنائي الطيبين، سنتكلم اليوم عن قصة سيدنا يوسف للأطفال الجميلين مثلكم، سنحكي ما عاشه سيدنا يوسف عليه السلام وكيف تغلب على جميع المتاعب بثقته بالله عز وجل.
قصة سيدنا يوسف للاطفال
فقد كان يوسف عليه السلام طفلاً صغيرًا مثلكم، وذات يوم نام في الليل ورأى رؤية غريبة في المنام، فتوجّه يوسف إلى أبيه، ككل طفل جميل مثلكم، ليخبره عن هذا المنام الغريب، الذي هو لطفل صغير في هذا العمر شيء عجيب، فجلس يوسف إلى جانب والده وقال:
"يا أبتِ، إني رأيت أحد عشر كوكبًا، والشمسَ، والقمر، رأيتهم لي ساجدين."
فعلم يعقوب عليه السلام، وقد كان نبيًّا، أن الله يريد أن يكون يوسف حينما يكبر شيئًا عظيمًا، وسوف يكون أفضل من أبيه، فأخبره أن لا يخبر إخوته بهذا الأمر، لأنهم سوف يحسدونه ويكيدوا له المكائد.
ولقد كان يعقوب يحب يوسف حبًّا لا يوصف، وكان يقرّبه من نفسه، كما يحبكم والديكم يا أحبابي الصغار، إلا أن يعقوب كان يحب يوسف أكثر من كل إخوته، فبدأوا يغارون ويحسدون يوسف.
ففي ذات يوم طلبوا من أبيهم أن يأخذوا يوسف معهم ليلعب، كما يخرج كل الإخوة الطيبون مثلكم للعب معًا، فرفض أبوهم ذلك، لأنه كان يخاف على يوسف، وبعد إقناع وترجٍّ وإلحاح، وافق الأب على أن يخرج يوسف مع إخوته، وطلب منهم أن يحافظوا عليه، وأن لا يمسّه أي شر أو مكروه، فوافق الإخوة على ذلك، ووعدوا أباهم به.
وبعد أن نفّذوا بداية الخطة بتحايل على أبيهم بإخراج يوسف معهم، أضمروا ليوسف شرًّا، وأرادوا له السوء، فاتفقوا، بعد جدال دار بينهم على ما يصنعوا بيوسف، على أن يلقوه في الجب، والجبّ يا أحبابي الأطفال هو بئر عميق، لا تستطيع أن ترى آخره من عمقه.
وأخذوا قميصه منه، ولطّخوه بدماء حتى يستطيعوا أن يتحايلوا على أبيهم بأن الذئب أكله، فعادوا إلى أبيهم، وأصبحوا يبكون ويتظاهرون أنهم حزينون على ما حصل مع أخيهم يوسف، مع أن هذا الأمر لم يصدّقه أبوهم يعقوب، حين نظر إلى القميص ووجده ملطّخًا بالدماء، ولكن القميص لم يمزق بأسنان الذئب.
وبينما كانت قافلة تسير في الطريق، وأصبحوا عطشى يريدون أن يشربوا لأن الطريق طويل ومتعب، وقفوا إلى جانب البئر الذي فيه يوسف عليه السلام، فأنزل أحدهم دلوه ليسحب الماء، فتعلّق به نبي الله يوسف، فصاحوا: "يا بشراه! هذا غلام!" فأخرجوه، وأخذوه معهم إلى مصر، وهناك في مصر باعوه إلى عزيز مصر.
وعزيز مصر يا أحبابي الأطفال هو وزير خزائن الدولة، أي المسؤول عن المال في الدولة، وعندما أخذه للمنزل وأخبر زوجته أنه اشتراه، أخبرها أن تعتني به، لعلهم يتخذونه ولدًا لأنهم لم يكن عندهم أطفال، وقال لها: لعله لما يكبر هذا الصبي يساعدنا في أمور الحياة، كما أنتم يا أحبابي الصغار تساعدون والديكم ولا ترفضون لهم طلبًا حين يطلبون منكم المساعدة، حينها وافقت زوجة عزيز مصر بذلك، وأعجبها الأمر.
فلما كبر يوسف وأصبح شابًا في عمر الرجال، كان وسيماً جدًّا وجميلًا لدرجة لا توصف، حيث يُقال إنه أُعطي شطر الجمال، أي أن كل أهل الأرض أخذوا نصف الجمال، ويوسف أخذ النصف الآخر.
فكان هذا الأمر حافزًا لزوجة الملك أن تُعجب بيوسف وتتعلّق به لدرجة لا توصف، فحاولت إغواءه، ولكن الله نجّى يوسف منها، حينها لم يصدّقوا يوسف، أنه ليس المسؤول عن هذا الأمر، وإنما زوجة الملك التي كانت تحاول أن تغويه، وبعد تفكير طويل، اتفقوا على أن يسجنوا يوسف، ولبث في السجن مدة طويلة من الزمن.
فرأى الملك ذات يوم رؤيا غريبة تعجب منها كثيرًا، فقد رأى أن هناك سبع بقرات سمان يأكلهن سبع بقرات عجاف، وسبع سنبلات خضر وسبع يابسات، فطلب ممّن حوله تفسيرها، فعجزوا جميعًا، وقالوا إن هذا حلم طبيعي ليس له تفسير، وإنه أضغاث أحلام.
فكان يجلس في المجلس ساقي الملك، وتذكّر أمر يوسف عليه السلام، فقد رأى يوسف في السجن، وقد فسّر له سابقًا رؤيا، فأخبر الملك بذلك، فطلب منه الملك الإسراع إلى يوسف وسؤاله عن تفسير الرؤيا.
فقال يوسف: أخبر الملك أنه سوف يأتي على مصر سبع سنوات من الخير، وسبع سنوات قحط، فلما تأتي سنوات الخير، ويقوموا بحصد القمح، فليأكلوا بقدر حاجتهم، والباقي يتركوه في سنبله لكي لا يفسد، ويتم الاحتفاظ به وخزنه في مكان آمن، حتى يأكلوا منه في السنوات العجاف، أي في سنوات القحط والجذب.
فأفرج الملك عن يوسف، وخرج معززًا مكرمًا، واعترفت زوجة عزيز مصر بأنها هي المخطئة، وأن يوسف عليه السلام ليس له أي دخل فيما حصل، وأنها هي التي اتهمته بكل الاتهامات الكاذبة، وحينها عيّن يوسف عزيزًا لمصر وخازن مال الدولة.
فلما بدأت السنين العجاف التي قد حذر منها يوسف حين فسّر رؤيا الملك، بدأ الناس يتوافدون إلى مصر ليحصلوا على القمح وطعام أولادهم.
وذات يوم حضر من بينهم إخوة يوسف، وأخذوا حصّتهم من الطعام مثلهم مثل بقية الناس، وذهبوا دون أن يعلموا أنه يوسف، ولكن عزيز مصر نبي الله يوسف علم بأنهم إخوته، لكنه لم يشعرهم بذلك، وطلب منهم أن لا يعودوا في المرة القادمة دون أن يحضروا أخاهم الأصغر.
وبعد فترة عادوا إلى مصر، مصطحبين أخاهم الأصغر بنيامين، بعد أن حاولوا محاولات كثيرة مع أبيهم، حتى يعطيهم عزيز مصر حصّتهم.
فلما دخلوا مصر مصطحبين أخاهم الأصغر، وأخذوا حصّتهم من القمح، اتفق يوسف مع أخيه أن يبقى عنده في مصر، فوافق، وجهز حيلة أن يضع صواع الملك داخل رحل أخيه.
فلما أرادوا العودة وهم خارجون، إذ نادى حرس العزيز عليهم، وأخبرهم أن من بينهم سارق، فوجدوا صواع الملك داخل رحل أخيهم بنيامين، الذي كان أبوهم قد أخذ عليهم موثقًا أن يرجعوه معهم.
فقال العزيز: خذوه، إنه سارق، فأخذوه، وحاول إخوته أن يقنعوا عزيز مصر أن يعطيهم إياه، فرفض، وعاد إخوته إلى أبيهم وأخبروه بما حصل معهم.
وحينها بدأ سيدنا يعقوب يبكي بكاءً شديد، فلما رأى الإخوة ما حصل مع أبيهم بسببهم، عادوا إلى عزيز مصر، وطلبوا منه إرجاع أخيهم، وأخبروه ما حصل لأبيهم. فحينها ردّ عليهم يوسف بسؤال: "ماذا صنعتم بيوسف وأخيه؟"
فحينها علم الإخوة أنه يوسف أخوهم، فأخبرهم يوسف أنه قد سامحهم، وطلب منهم أن يرجعوا إلى أبيهم بقميصه، وليضعوه على وجهه، فيرتد بصيرًا، وبعدها فليأتوا جميعًا إليه مع أبيه وأمه.
فصنعوا ذلك، فارتد نبي الله يعقوب بصيرًا، وحملوا متاعهم وارتحلوا إلى مصر، عند عزيز مصر، عند سيدنا يوسف عليه السلام، فلما دخلوا عليه، خرّ ووقع الأحد عشر أخًا ليوسف ساجدين له، والأم والأب، وكان هذا في شرعتهم مباحًا تكريمًا للعظماء، وكان هذا تفسير الرؤيا ليوسف عليه السلام التي رآها، وتكريمًا له.
وبهذا نصل، أحبابي الأطفال، إلى ختام قصتنا لهذا اليوم: قصة سيدنا يوسف للأطفال، وإذا اعجبتكم القصة اكتبوا لنا في التعليقات ما رأيكم في القصة واكتبوا لنا تعليق ما هي القصة القادمة التي تحبون ان تكون قصتكم القادمة حتى نضعها لكم.
الدروس المستفادة من قصة سيدنا يوسف للأطفال
- الصبر؛ فسيدنا يوسف صبر على ظلم إخوته وزوجة عزيز مصر والسجن حتى نجّاه الله سبحانه وتعالى.
- التسامح؛ فسيدنا يوسف، بعد الذي حصل معه وقصة حسد إخوته وظلمهم له، سامحهم وتجاوز عنهم.
- العفو عند المقدرة؛ فإذا كنتَ حبيبي الصغير قادرًا على أن تأخذ حقك، فمن الجميل أن تعفو، كما عفا سيدنا يوسف عن إخوته، وكان بإمكانه أن يحاسبهم لأنه كان عزيز مصر.
- بر الوالدين؛ فقصة يوسف عليه السلام من أفضل القصص التي تدل على بر الوالدين؛ فقد كان يوسف بارًّا بوالديه، حين قرّبهما منه وجعلهما مُعزَّزَيْن، لا يحتاجان شيئًا ولا يطلبان من الناس أي خدمة.
- الصدق والأمانة؛ فقد كان يوسف أمينًا وحافظًا لمال مصر وأهلها.
- التخطيط الجيد؛ دائمًا قبل البدء بأي عمل، فقد كان يوسف عليه السلام مُخططًا جيدًا.
- عدم الغيرة والحسد؛ فقد ندم إخوة يوسف على ما صنعوه بيوسف.
- معرفة أن الحب والمال والسعادة وكل الأمور من عند الله؛ فكم حاول إخوة يوسف أن يبعدوه عن أبيه، إلا أنه رجع وعاد إلى أبيه، وأصبح عزيز مصر.
- الثقة بوعد الله والثقة بالله؛ فقد كان يوسف واثقًا أن الله لن يضيّعه.
